إثبات علمي جديد يعيد كتابة تاريخ زراعة الأطراف ويؤكد ان مصر القديمة صاحبة السبق
كشفت مجلة Lancet الطبية عن تأكيد العلماء البريطانيين المشرفين على دراسة الأباهيم للأرجل الاصطناعية التي عثر عليها مثبتة على مومياء مصرية قديمة، بأنها كانت تساعد بالفعل في عملية المشي، وانها لم تكن لأغراض تجميلية كما ظن البعض في بادئ الأمر، وذلك بناء على تجارب أجراها العلماء على متطوعين.
وقد عثر العلماء حتى الآن على ابهامين اصطناعيين صنعا من الخشب والجلد، أحدهما يعود لسيدة توفيت عن سن يتراوح بين الـ 50 والـ 60 عاماً كما يقدر الباحثون، الذين يتساءلون عما اذا كان هذا الاصبع قد نجا من محاولات السلب التي تعرض لها متحف القاهرة مؤخراً، في ضوء الأحداث التي شهدتها مصر خلال الـ 20 يوماً الماضية.
أما الابهام الثاني فيحتفظ المتحف البريطاني به منذ القرن الـ 19، حين جلبه للبلاد جامع الآثار البريطاني غريفيل تشيستر.
وفي حال أثبتت تجارب إضافية تأكيد ما جاء به العلماء البريطانيون، فإن ذلك سيعني ان العالم القديم عرف زراعة الأطراف الاصطناعية، مما يعني إعادة كتابة تاريخ ميلاد هذا السبق العلمي الى ما قبل 7000 سنة على أقل تقدير، اذ ان "الأصابع المصرية" تعود لحقبة تاريخية تمتد ما بين 6000 و10000عام قبل الميلاد، وذلك مقارنة مع أقدم اصبع اصطناعي موثق علمياً عرفه التاريخ، صنع بالامبراطورية الرومانية في القرن الرابع قبل الميلاد.
وفي هذا الصدد كانت العالمة البريطانية جاكي فينتش من مركز الأبحاث البيولوجية الطبية لعلم المصريات التابع لجامعة مانشستر قد أكدت في عام 2007 ان الاصابع الاصطناعية المصرية لم تكن تجميلية، بل كانت فعالة وتؤدي الغرض الوظيفي الذي صنعت لأجله.
ومن الأسباب التي دفعت العالمة الى الاعتقاد بأن الاصابع الاصطناعية في مصر القديمة كانت تستعمل في المشي وجود علامات واضحة تؤكد ذلك بحسب فينتش، علاوة على وجود مفصل داخل هذه الأصابع تساعدها في الانثناء خلال الحركة.
وقد دفعت كل هذه المؤشرات جاكي فينتش الى الاقتناع بأن صاحبي الاصبعين كان يستخدمانهما عملياً، وانه لم يتم تثبيتهما أثناء عملية التحنيط، لأسباب دينية او لاعتبارات تتعلق بطقوس أو شعائر.
لكن كان ينبغي إجراء تجارب ميدانية تثبت صحة هذه النظرية.
ولتحقيق هذا الهدف اتفقت فينتش مع متطوعين اثنين مبتوري الابهام لإجراء التجربة والتحقق منها، كما تم تصنيع اصبعين -نسخة طبق الأصل- عن الاصبع المصري المحتفظ به في المتحف البريطاني.
وجاء في المقال الذي كتبته فينتش بصحيفة Lancet ان المتطوعين استعملا أصابع اصطناعية حديثة وأصابع منتجة بالتقنية المصرية القديمة، وانهما أكدا عدم وجود فوارق تُذكر بين الاصبعين، كما انه لم يتم رصد تغير في ثقل الجسم بالمقارنة بين الاصبعين، إلا ان أحد المتطوعين عبر عن شعوره بارتياح أكبر حين استعمل ما يعرف باصبع تشيستر.
كما جاء أيضاً ان الاصبع الاصطناعي يجب ان يلبي كافة المعايير التي تؤهله لأن يكون فعالاً في الاستعمال، فالمواد التي صنع منها تجعله "يحمل وزن صاحبه أثناء الحركة، وانه لا يجب ان تصدر أية أصوات عن الاصبع أثناء المشي وألا يتصدع جراء الاستعمال، بالإضافة الى انه يجب ان ينسجم في مظهره الخارجي مع مقاسات الجسد وان يبدو جزءاً طبيعياً من الجسم، كما انه يجب ان يكون مقبولاً لدى من يستعمله وللمحيطين به على حد سواء، وانه لابد ان يكون وضعه وخلعه سلساً، لكن الأهم من كل ذلك ان يساعد القدم".
وتشير جاكي فينتش الى ان ابهام القدم يتحمل 40% من وزن الجسم وهو المسؤول عن قدرة الانسان الى التحرك للأمام، لافتاً في الوقت ذاته الى ان بعض من تبتر أصابع أقدامهم الكبرى يتأقلمون بسرعة مع واقعهم الجديد ويسيرون بشكل اعتيادي بدونه.
وبناء على ما تقدم خلصت جاكي فينتش الى ان "الابهامين استخدما كبديلين، لذلك يمكن اعتبارهما أصابع اصطناعية، مما يعني اننا بصدد إعادة قراءة تاريخ زراعة الأطراف كأحد مجالات الطب التي عرفتها مصر القديمة".